-->
44
نعتذر منك,لا نستطيع أن نجد الصفحة المطلوبة,بإمكانك البحث مرة أخرى,شكراً لك لتفهم الأمر...

الاثنين، 24 ديسمبر 2018

عندما يصف القلم معاناة بلاده.. فلسطين يا كاي



فلسطين يا كاي

فلسطين _ خاص _ وكالة نقا الإخبارية _ علاء دردونة

   أتذكرين يا كاي؛ سمرنا وحدنا في آخر ساعات الليل عندما باغتتنا الطائرات الغاشمة لتقصف كل من حولنا؟! أتذكرين كيف نجونا بأعجوبة؟!.

   كانت أصوات من يعانون سكرات الموت إثر القصف تئنُّ قلبينا، ولربما الأعجوبة احتضنتنا وحدنا لتخلِّد فينا ماضيًا قاسيًا جعلنا نلتقي بعضنا كي نستذكر كل أيقونة وجع لنصوغها على شكل رسالة لبعضنا تشحن حروفها بالذكريات الواحدة بذات المعاناة.

   أتذكرين يا كاي؛ عندما كنا نقاتل من أجل نيل حريتنا في البلاد، وبينما كان الكثير من الناس يهاجرون هرعًا كنا نتحدث في حوار رومانسي دار بيننا رغم ما تشهده أوقاتنا من توتر إذ تقولين: "صدقني؛ سنتحرر من قبضة الملاعين"، فأرد قائلا: "وإذا لا؛ فسنلتقي في الجنان كالشهيد وحوره"، ثم نكمل القتال بسلاحنا الذي لا يذكر في وجه سلاح الأوغاد.

   أذكر في إحدى المشاحنات مع عدونا حين صرختِ بصوتكِ المشحون بالألم "هانوي.. ألا تريدين أن تتحرري؛ لا نريد أن نعيش حياتنا تحت رعاية واشنطنية".

   كاي..
   اسمحي لي أن أصوغ هذه الأوقات وهذه المواقف وهذه الذكريات التي أعلم أنك مللت قراءتها وسماعها وحتى الحديث عنها، فمجرد تذكر أضعفها تتسارع دقات قلبك بالخفقان وتتسارع خلايا عقلك بالتفكير؛ فتتسارع دموع عيناك بالهطول كمطر يروي الأرض بعد دماء الشهداء، ولكن بعد المعذرة: إن كنت تتحدثين عن استقلالكم؛ فهذا ما خلفته ذكرياتي.

   كيو..
   كان خروج آخر جندي أمريكي من فيتنامكم في الـ29 من مارس عام 1973 كبداية لنهاية معاناتكم بعد نجاح محادثات السلام في العاصمة الفرنسية باريس في انتاج اتفاق لوقف إطلاق النار، وبعد نجاحكم في توحيد شمالكم وجنوبكم لتصبحوا فيتنامًا واحدًا لا أكثر؛ ولتنهوا بهذا ثاني حرب هندوصينية والتي كنت فيها ساموراي الحرية والاستقلال.

   أتعلمين..
   يحدث أن يزورنا وفدكم في بلدنا فلسطين؛ فقد كنا في أيقونة واحدة وهي أيقونة الحرب والدمار والآهات، ولكنكم أخذتم قسطًا من النقاهة بعد الوجبة الدسمة من الجحيم، ولكننا في ديارنا ما زلنا ولهذا اليوم نتربص إغارة الطائرات الغاشمة في غزة؛ فما زالت الطائرات تلعب في سماءنا؛ تلهو مرحة إلى أن تنهي لعبتها بإطلاق صاروخها الذي يأخذ لونًا برَّاقًا من اللهب في الأجواء ويثير غبارًا يخلفه انتشال الجثامين في المكان الذي يسقط فيه، ويأخذ أصحاب الجثامين في رحلٍة سماويٍة حيث اللاعودة؛ فلجَّةُ أصوات الطائرات والمدافع والآهات والأنين ما زالت تهذي في بلادنا، كما أننا نصبح كل يوم متربصين جنود محتلينا الإسرائيليين في ضفتنا حين ينظمون حملات المداهمات؛ كي نعلم من تم اعتقاله، ومن تم هدم بيته، ومن هو قيد الانتظار، فيما يقبع أسرانا مكبلين داخل أقبية السجون الإسرائيلية؛ وما زلنا نلحن ترنيمة الحلم المنشود "ترنيمة التحرر و الاستقلال".

ختامًا.. سوف أقول ما قاله يسري قبلي صاحب اليدين الغزيتين: "أحبك كاي قبل كل حرب، وبين كل قذيفة، وبعد كل شهيد".
 أحبك أحبك أحبك.          


معاناة فلسطين ، فلسطين يا كاي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ©2016 وكالة نقا الإخبارية